وفاة رئيسي.. الاستقرار على المدى القريب في إيران قد تتبعه منافسة غير معروفة العواقب بين المتشدّدين
مايو 20, 2024ألكس فاتانكا
ألكس فاتانكا
· تأتي وفاة إبراهيم رئيسي في تحطّم طائرته المروحيّة يوم الأحد الماضي، في وقت يبدو فيه نظام الجمهورية الإسلامية متماسكًا؛ ومع أنّ طهران لن تشهد فراغًا في السلطة، بات المسار الذي ستسلكه إيران ما بعد خامنئي أقلّ وضوحًا بكثير مما كان عليه قبل بضعة أيّام.
· يبدو أنّ الآثار الخطيرة ستطال مسألة الخلافة: فوفاة رئيسي، الذي اعتُبِر على نطاق واسع من الشخصيات الأوفر حظًا لخلافة المرشد الأعلى علي خامنئي، البالغ من العمر 85 عامًا، قد تفتح الباب أمام منافسة أشرس بين المتشدّدين في إيران لشغل منصب المرشد الأعلى، قد لا يتمكّن خامنئي من ضبطها.
منذ ولادة الجمهورية الإسلامية عام 1979، وصلَ إلى السلطة ثمانية رؤساء في إيران. وحتى يوم أمس، كان الرئيس الوحيد الذي توفّي أثناء شغله المنصب محمد علي رجائي، إذ قُتِل الأخير في تفجير عام 1981، في خضمّ العنف السياسي الذي بلغ ذروته خلال السنوات الأولى التي تلت حقبة الشاه. والآن، بعد أربعة عقود تقريبًا، حصد سقوط المروحيّة يوم الأحد، الذي يُعتقَد أنّ سببه عُطل ميكانيكي، أرواح الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان وستّة آخرين. تأتي وفاة إبراهيم رئيسي في وقت يبدو فيه النظام الإسلامي متماسكًا. باختصار، ومع أنّ طهران لن تشهد فراغًا في السلطة، بات المسار الذي ستسلكه إيران ما بعد خامنئي أقلّ وضوحًا بكثير مما كان عليه منذ بضعة أيّام.
في المرحلة الحالية، سيواصل المرشد الأعلى علي خامنئي، والحرس الثوري، رسم معالم السياسات الداخلية والخارجية الأساسية. ومِن المرجّح أنّ رئيسي سيُستبدَل بسهولة نسبيًا بشخصيّة أخرى من داخل النظام، يمكن تصويرها على أنّها رئيسٌ مُنتخَب من الشعب. يشكّل ذلك كلّه جزءًا من استعراض انتخابي مُجرَّب في محطّات عدّة، ومن المقرّر إجراؤه هذه المرّة في 28 حزيران/يونيو. في الوقت الراهن، سيتولّى محمد مخبر، النائب الأول للرئيس، مهام الرئاسة رسميًا، إلى جانب قادة آخرين رفيعي المستوى (رئيس السلطة القضائية ورئيس مجلس الشورى). كذلك، استلم علي باقري وزارة الخارجية. ويُعدّ كلّ من مخبر وباقري من الشخصيات المخضرمة الموالية للنظام التي يُتوقَّع أن تُنفِّذ ما يُطلَب منها، لا أكثر ولا أقلّ.
يبدو أنّ الآثار الخطيرة ستطال مسألة الخلافة: فمع وفاة رئيسي، بات من الصعب للغاية التنبؤ بنتيجة السباق الشرس أساسًا بين المتشدّدين في إيران لخلافة خامنئي البالغ من العمر 85 عامًا، خصوصًا أنّ رئيسي اعتُبِر على نطاق واسع من أبرز الأسماء المرشّحة لشغل منصب المرشد الأعلى. على مدى العقد الماضي، عمِل خامنئي على تعزيز مكانة رئيسي علنًا، وصمّم انتخابات العام 2021 بما يضمن وصوله إلى سدّة الرئاسة. وفي السنوات الثلاث الماضية، دافع خامنئي عن رئيسي بانتظام، مع أنّ كثيرين اعتبروا ولاية الأخير الأضعف والأقلّ كفاءة منذ العام 1979.
يُعدّ استثمار خامنئي برئيسي على نطاق واسع مؤشرًا على أنّ المرشد الأعلى كان في صدد إعداد رئيسي لخلافته. لكنْ، مع وفاة رئيسي، قد تحتدم المنافسة بين الأجنحة المختلفة في معسكر المتشدّدين، ومن غير المؤكّد أنّ خامنئي نفسه سيتمكّن من ضبطها. في تلك الحالة، قد تواجه استمرارية حقبة خامنئي تهديدًا خطيرًا بعد وفاته. فمن جهة، لا تحظى مسألة انتخاب خلفٍ لرئيسي بقدر كبير من الأهمية، كونه لن يتمتع بأيّ صلاحيات إضافية عن سلفه لتحديد الخيارات السياساتية الاستراتيجية. في المقابل، إذا أدّت وفاة رئيسي إلى منافسة محتدمة بين المتشدّدين، قد تنقلب ترتيبات خامنئي للخلافة رأسًا على عقب، مهما كانت طبيعتها.