ستّة مسارات تفاوض متوازية تصعّب إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس"
فبراير 26, 2024رندا سليم
رندا سليم
يوم الأحد 25 شباط/فبراير، أكّد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان التقارير التي أشارت إلى أنّ المفاوضات الرباعية بين قطر ومصر وإسرائيل والولايات المتّحدة، الرامية للتوصّل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن الإسرائيليّين والمُعتَقَلين الفلسطينيّين في الوقت نفسه، اقتربت من خواتيمها. ومن المتوقع أن يشمل هذا الاتفاق، في حال إبرامه، زيادة ملحوظة في المساعدات الإنسانيّة إلى غزّة. ولكن، بموجب قوانين الحرب، يُفترَض أن تكون المساعدات الإنسانية حقًّا للمدنيّين، لا مكسبًا ينبغي التفاوض للحصول عليه.
تأمل كلٌّ من قطر ومصر والولايات المتّحدة دفع إسرائيل و"حماس" إلى الموافقة على الاتفاق قبل بداية شهر رمضان، في 10 آذار/مارس. ولكنْ، كما هي الحال عادةً في المفاوضات المتعدّدة الأطراف والقضايا، يصعُب التوصّل إلى اتفاق بشكل أساسي لأنّ كلّ الأطراف، بما فيها الأطراف المتنازعة المنخرطة مباشرة في المفاوضات، والوسيط (أو الوسطاء)، والأطراف "المجاوِرة" المتأثّرة بالنزاع، لديها مصالح ومطالب تسعى إلى تحقيقها، ما يفسح المجال أمام الجهات المُخرِّبة للإطاحة بالاتفاق.
في النزاع الدائر حاليًا، تبرز ستّة مسارات تفاوض مختلفة تجري في الوقت نفسه. المسار الأوّل هو الرئيسي، ويتعلّق بالمفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل و"حماس" بوساطة فريق ثلاثي يتألّف من الولايات المتّحدة ومصر وقطر. أما المسارات الخمسة الأخرى التي تؤثّر في هذا المسار الرئيسي –وتتأثّر بالتطوّرات الميدانية في غزّة وإسرائيل والمنطقة والولايات المتّحدة– فهي:
المسار الإسرائيلي الداخلي، بقيادة رئيس وزراء تقوم أجندته الأساسية على ضمان بقائه السياسي، ويقيّم كلّ الاتفاقات الممكنة على هذا الأساس؛
المسار الداخلي ضمن حركة "حماس"، بين الجناح الخارجي للحركة، ومقرّه الدوحة، والجناح الداخلي في قطاع غزّة، وكلاهما يريد ضمان بقائه السياسي ويقيّم كلّ الاتفاقات الممكنة على هذا الأساس أيضًا؛
المسار بين قطر/مصر – و"حماس"؛ حيث تحافظ قطر على تواصلها مع قيادة "حماس" في الدوحة، وتحافظ مصر (وخصوصًا الاستخبارات العسكرية المصرية) على تواصلها مع القيادة المتمركزة في غزّة. تريد كلٌّ من قطر ومصر التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في أقرب وقتٍ ممكن، علمًا بأنّ مصر تخشى التداعيات الفورية على أمنها نتيجة نزوح أعدادٍ كبيرة من الفلسطينيّين في حال شنّت إسرائيل هجومًا على رفح – وهو ما يهدّد به المسؤولون الإسرائيليون حاليًا، بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على اندلاع الحرب في غزّة؛
مسار التفاوض بين إسرائيل والولايات المتّحدة، ويقوده من الجانب الأمريكي الرئيس جو بايدن، الذي يخشى اتّساع رقعة الحرب في حال لم تنتهِ جولة القتال الحالية في وقت قريب، كما وأَثَر هذه الحرب على مستقبله السياسي. فمن جهة، يواجه بايدن ضغوطًا من اللوبي الداعم لإسرائيل، الذي يطالب باستمرار الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل. ومن جهة أخرى، يهدّد ائتلاف من المجموعات التي صوّتت لبايدن عام 2020، بما في ذلك الأمريكيين العرب والمسلمين في ولاية ميشيغان المتأرجحة، بمقاطعة الانتخابات المقبلة في تشرين الثاني/نوفمبر، احتجاجًا على دعم بايدن لإسرائيل، ما يُضعِف حظوظه في إعادة انتخابه رئيسًا.
وأخيرًا، مسار التفاوض العربي-الأمريكي، الذي يركّز على توفير ظروف مواتية وحوافز لعملية حوار بين الإسرائيليّين والفلسطينيّين ترمي إلى تطبيق حلّ الدولتَيْن الذي طال انتظاره.
تزيد مسارات التفاوض هذه، التي تجري بشكلٍ متوازٍ في ظلّ نزاع يشهد تطوّرات متسارعة في غزّة والمنطقة، من صعوبة المهمّة التي يضطلع بها فريق الوساطة الثلاثي.
تابعوا حساب رندا سليم على منصّة "X": @rmslim
معهد الشرق الأوسط مؤسّسة مستقلّة وحياديّة وتعليمية لا تبغي الربح. لا يشارك المعهد في أنشطة المناصرة، وآراء الباحثين لا تعبّر عن آراء المعهد. يرحّب معهد الشرق الأوسط بالتبرّعات المالية، لكنّه يحتفظ بالحقوق التحريرية الحصرية في أعماله، كما أنّ المنشورات الصادرة عنه لا تعبّر سوى عن آراء كتّابها. يرجى زيارة هذا الرابط للاطّلاع على لائحة بالجهات المانحة لمعهد الشرق الأوسط.