رسائل من شرم الشيخ: مراجعة كوب 27 من منظور الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
نوفمبر 29, 2022محمّد محمود
محمّد محمود
حضر العديد من الباحثين من برنامج مصر وبرنامج المناخ والمياه في معهد الشرق الأوسط العديد من الفاعليات في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ لعام 2022 (كوب 27) في شرم الشيخ بمصر، والذي امتد من 6-18 نوفمبر/تشرين الأول. بالإضافة إلى ذلك، استضاف المعهد ندوة حول مستقبل التكيف في قضية المناخ في إفريقيا والشرق الأوسط في جناح مصر الوطني، بحثت الندوة في فرص التكيف التي من المُرجح أن تساعد أجندة إدارة التغير المناخي العالمية على تحقيق مستقبل أكثر مرونة. قدمت المشاركة في كوب 27 فرصة فريدة لعرض الإجراءات مباشرة وتقييم فعالية المؤتمر في دفع الأولويات المناخية الحرجة، التي يمكن أن تغير المسار الخطير لتغير المناخ في المستقبل.
في السطور التالية، أُلخص بعض أفكاري وتأملاتي وتحليلي للمؤتمر بصفتي أحد الحضور، والدور الذي لعبه كوب 27 في تشكيل جدول أعمال التغير المناخي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
توقعات المؤتمر
كانت التوقعات من هذا المؤتمر عالية للغاية، لا سيما بالنظر إلى النتيجة المخيبة لـمؤتمر كوب 26 في جلاسكو. كانت هناك توقعات حددتها مصر، بصفتها الدولة المضيفة، لوقائع مؤتمر المناخ هذا العام فيما يتعلق بالأولويات التي تريد تعزيزها كجزء من جدول الأعمال الرسمي للمؤتمر. كانت هذه الأولويات، بشكل عام، هي تمويل أفضل لقضية التغير المناخي، والمزيد من التكيف (خاصة فيما يتعلق بالموارد المائية). كان هناك توقع آخر - نابع من المناقشات السابقة في مؤتمر التغير المناخي في بون - هو الاعتراف بالخسائر والأضرار كعنصر مهم لتحقيق العدالة المناخية، وتعويض الدول النامية التي عانت من التأثيرات الأسوأ الناتجة عن التغير المناخي. لا يمكن أن يكون التبرير لمفهوم الخسائر والأضرار أقوى من أي وقت مضى، استنادًا إلى تأثيرات التغير المناخي هذا العام وحده: أصابت موجات الحر الشديدة قارات متعددة، وتسببت الفيضانات الشديدة في أضرار جسيمة، وتكرر حدوث العواصف الترابية بوتيرة تنذر بالخطر. على هذا النحو، ربما لم يكن هناك مفر من أن تحمل مصر، بصفتها الدولة المضيفة، لواء الدول الإفريقية، التي من المرجح أن تستفيد أكثر من تعويض الخسائر والأضرار، وتتحرك نحو إدراج القضية كجزء من أجندة كوب 27 الرسمي.
التطورات والإعلانات
حدثت العديد من التطورات المهمة التي لها علاقة بأجندة المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤتمر كوب 27، حيث قدمت الدول تفاصيل طال انتظارها وآخر التطورات في هذا السياق. أحدثت مبادرة السعودية الخضراء زخمًا كبيرًا في شرم الشيخ من خلال استضافة معرض ومنتدى كبير حول أهداف العمل المناخي في المملكة. كان المعرض خارج المنطقتين الزرقاء والخضراء، اللاتين شكلا جوهر برنامج كوب 27 (وكان محط الإعجاب من حيث المستوى)، وقدم المعرض تحديث كبير للمعلومات عن هذه المبادرة منذ أن أعلنها السعوديون قبل مؤتمر كوب 26. وبالمثل، بعد التعاون في العام الماضي بين الإمارات العربية المتحدة والأردن وإسرائيل فيما يتعلق باتفاقية الطاقة المتجددة مقابل المياه، شهد مؤتمر كوب 27 توقيع مذكرة تفاهم بين الإمارات والأردن بشأن تطوير قطاع الطاقة المتجددة. تعد هذه الخطوة مقدمة مهمة للصفقة المعلنة مسبقًا بين الإمارات والأردن وإسرائيل، وأول تحديث رئيسي منذ إعلانها قبل عام تقريبًا. بالتزامن مع الكشف عن المسار الوطني الجديد للإمارات بشأن انبعاثات الكربون الصفرية بحلول عام 2050، والذي يحدد مستوى الحد من انبعاثات الكربون التي ستنفذها الدولة حتى منتصف القرن. كانت هذه الإعلانات مطلوبة بشدة لإظهار التزام الشرق الأوسط بأجندة المناخ العالمية.
نتائج المفاوضات
كان أكبر خبر صدر عن مؤتمر كوب 27 هو توصل مفاوضات المناخ إلى اتفاق لإنشاء صندوق الخسائر والأضرار المناخية، بعد ما يقرب من يومين من انتهاء الاجتماع. باعتباره انتصارًا واضحًا لنشطاء العدالة المناخية والدول النامية، فإن صندوق الخسائر والأضرار المناخية لديه القدرة على التخفيف من الضرر الذي تسبب فيه التغير المناخي في البلدان الأكثر تأثراً - والتي ساهم الكثير منها بالقليل فقط في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. لكن على الرغم من هذا الانتصار، فإن الشيطان يكمن في التفاصيل: ما هي الدول التي ستساهم في هذا الصندوق؟ كم سيكون المبلغ الإجمالي المستهدف له؟ كيف سيتم تخصيص التعويضات للبلدان المتلقية؟ يجب معالجة هذه الأسئلة، والمزيد، قبل أن يدخل الصندوق حيز التنفيذ، ويكون فعالاً في تحقيق أهدافه. وبالتالي، ينص جزء من الاتفاقية على إنشاء لجنة دولية لوضع هيكل وتفاصيل آليات هذه الأداة المالية، مع توقع تحقيق تقدم في مؤتمر كوب 28.
بينما يعتبر صندوق الخسائر والأضرار المناخية خطوة كبيرة إلى الأمام فيما يتعلق بإدراك هذه القضية، فإن تخفيف الأضرار، ربما لم يحقق أي تقدم على الإطلاق. توقّف الضغط من أجل القيام بالمزيد من الإجراءات للحد من الزيادة المستقبلية في درجة الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية على عدة جبهات. بدلاً من التخفيض التدريجي لجميع أنواع الوقود الأحفوري، فإن الوثيقة النهائية لمؤتمر كوب 27 تشجع فقط على التخفيض التدريجي لطاقة الفحم ودعم الوقود الأحفوري غير الفعال. بالإضافة إلى ذلك، لم ينجح اقتراح بإلزام الدول بمنع انبعاثاتها من الوصول للذروة بعد عام 2025. إن الجمع بين مأزق التخفيف من الأضرار مع اتفاقية الخسائر والأضرار يثير القلق بأن معالجة المظالم المناخية السابقة جاء على حساب عدم القيام بما يكفي لدفع جهود التخفيف من الأضرار، مما قد يؤدي إلى تفاقم آثار التغير المناخي في المستقبل.
المضي قدمًا
بينما كان بعض التقدم الذي تم إحرازه في مؤتمر كوب 27 مشجعًا للغاية، لا سيما الاتفاق على إنشاء صندوق الخسائر والأضرار المناخية، لا تزال العديد من البنود بحاجة لمزيد من الوضوح، أو تتطلب مزيدًا من الإجراءات، أو تظل دون حل. على سبيل المثال، تظل آليات صندوق الخسائر والأضرار المناخية غير محددة، ويجب أن تكون خطط خفض الانبعاثات أكثر صرامة، كما أن تمويل التكيف مع التغير المناخي لم يتحقق بعد بالمستويات التي تم التعهد بها أو المطلوبة (20 مليار دولار فقط من إجمالي 100 مليار دولار تخصصها الدول المتقدمة لجهود التكيف في البلدان النامية، في حين أن صندوق التكيف لم يتلق سوى تعهدات يبلغ مجموعها 230 مليون دولار في مؤتمر كوب 27). ستأتي هذه الأولويات المناخية وغيرها (مثل استكمال التقييم العالمي) إلى ذروتها في مؤتمر كوب 28 في الإمارات - مما يضع ضغوطًا كبيرة على مضيف العام المقبل لتحقيق تقدم في المجالات التي لم ينجح فيها مؤتمر كوب 27. يتمثل الهاجس الأكبر في أنه كلما زاد تأخرنا في اتخاذ إجراءات بشأن الأولويات المناخية الحرجة، زاد تأخر العالم في تنفيذ الإجراءات الفعلية التي يمكن أن تمنع العواقب الكارثية لأزمة المناخ التي لم تظهر بعد.
محمد محمود هو مدير برنامج المناخ والمياه وكبير باحثين في معهد الشرق الأوسط.
تصوير شون جالوب/جيتي إيماجير
معهد الشرق الأوسط مؤسّسة مستقلّة وحياديّة وتعليمية لا تبغي الربح. لا يشارك المعهد في أنشطة المناصرة، وآراء الباحثين لا تعبّر عن آراء المعهد. يرحّب معهد الشرق الأوسط بالتبرّعات المالية، لكنّه يحتفظ بالحقوق التحريرية الحصرية في أعماله، كما أنّ المنشورات الصادرة عنه لا تعبّر سوى عن آراء كتّابها. يرجى زيارة هذا الرابط للاطّلاع على لائحة بالجهات المانحة لمعهد الشرق الأوسط.