MEI

رغم استمرار النزاع... التخطيط جارٍ "لليوم التالي" بعد حرب غزّة

يونيو 17, 2024

براين كاتوليس


مشاركة

لا تزال الحرب بين إسرائيل و"حماس" مستمرّةً في غزّة بعد مرور أكثر من أسبوعَيْن على إصدار الرئيس جو بايدن خطّةً مؤلّفة من ثلاث مراحل من أجل التوصُّل إلى وقف إطلاق النار، والاستناد إلى انتهاء الأعمال العدائية كأساسٍ لحلٍّ طويل الأمد للنزاع. وقد أفادت بعض المصادر بأنَّ "حماس" اقترحت إجراء تعديلات على خطّة وقف إطلاق النار التي طرحها بايدن في نهاية الشهر الماضي، في حين اعتبرَ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأسبوع الماضي أنَّ الكثير من تلك التعديلات "غير قابلة للتطبيق".

إنَّ عدم تحقيق النتائج المنشودة (من ناحية التوصُّل إلى وقفٍ لإطلاق النار عمادُه الإفراج عن الرهائن ومبادلتهم بالأسرى الفلسطينيّين) لم يمنع إدارة بايدن وبعض المحلّلين الخارجيين من تصوُّر مرحلة اليوم التالي بعد انتهاء النزاع، أو بالأحرى مَنْ سيضبط الأمن ويقود جهود الحوكمة في قطاع غزّة وكيف يمكن أن تُساهِم هذه الخطط في التمهيد للانتقال من فترة ما بعد وقف إطلاق النار مباشرةً إلى مساعي حلّ النزاع على المدى البعيد. تَعرِض نهال الطوسي، في مقالٍ نشرته مؤخّرًا صحيفة "بوليتيكو"، لمحةً عامة عن بعض خطط "اليوم التالي" التي أعلنت عنها عدّة مراكز بحثية. كذلك، تُبذَل العديد من الجهود الخاصّة داخل الحكومات وخارجها لتصوُّر ملامح المرحلة المقبلة بعد انتهاء هذه الحرب.

في مساهمة قيّمة ضمن إطار هذه الجهود العامّة، فإن لاري غاربر -وهو مسؤول رفيع سابق لشؤون السياسات لدى وكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتّحدة في إدارتَي الرئيسَيْن كلينتون وأوباما، وشغلَ أيضًا منصب مدير بعثة الوكالة في الضفّة الغربية وغزّة- وضعَ إطارًا تحليليًّا لتقييم جميع الخطط المتعلِّقة بالوضع في غزّة ما بعد الحرب فور ظهورها. ويتمحور الكثير من الأسئلة الرئيسية التي ينبغي طرحها بشأن الخطط المختلفة لمرحلة ما بعد الحرب، والتي يوردها غاربر في مقالته، حول قضايا الشرعية السياسية وسُبُل ضمان إيصال صوت الشعب الفلسطيني في عمليات صنع القرار بعد انتهاء الحرب.

لن يكون من الممكن تنفيذ أيِّ خطّة لفترة ما بعد الحرب حتّى يتّخذ الطرفان المتحاربان الرئيسيان في هذا النزاع، أي إسرائيل و"حماس"، قرارًا بوقف القتال واتِّباع مسارٍ دبلوماسيٍّ، الأمر الذي تُحاوِل إدارة بايدن والجهات الفاعلة الأخرى تحقيقه مع استمرار الحرب. كذلك، فإنَّ طريقة انتهاء هذه الحرب ستُحدِّد الجهة صاحبة النفوذ لتحديد النتائج ورسم مَعالِم أيِّ سيناريو لمرحلة ما بعد الحرب في غزّة. والواقع هو أنَّ جلَّ ما يمكن لعمليات التخطيط التكنوقراطي أن تتمخَّض عنه هو إطار عام ريثما تتَّضح موازين القوى بين الأطراف السياسية على الأرض نتيجة هذا النزاع والنهاية التي سيؤول إليها.

إنَّ توقُّع الطرف المُنتصِر عند انتهاء الحرب أشبه بمحاولة تقدير الضرر الناجم عن إعصار من الدرجة الخامسة فور بلوغه الشاطئ. ولكنَّ هذه المُحاوَلات الرامية إلى تصوُّر مستقبل بديل بعد الحرب مهمَّة؛ لأنَّها قد تُساعِد في توفير رؤية من شأنها أن تُحفِّز على اتِّخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق الاستقرار والازدهار على المدى البعيد.

يُعَدُّ الانخراط الأمريكي المتزايد في الشرق الأوسط، ولا سيّما المشاركة المكثّفة من الولايات المتّحدة ودعمها لحقّ الفلسطينيين في تقرير المصير بما يُفضي إلى إنشاء دولة فلسطينية، ضروريًّا لنجاح أيِّ خطّةٍ من خطط ما بعد الحرب لناحية توفير الاستقرار والسلام على المدى الطويل. ويعني ذلك أنَّ الذين يدعون إلى وقف التدخُّل الأمريكي في الشرق الأوسط، بما في ذلك الأصوات الانعزالية الجديدة في مناقشات السياسة الخارجية الأمريكية على نطاقٍ أوسع، لا يطرحون خطّةً عملية لإنهاء الحرب بين إسرائيل و"حماس" على نحو يؤدِّي إلى نتائج مستدامة.

يمكن لجهود التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب أن تُساعِد في تقديم نموذجٍ سياساتيٍّ، غير أنَّه يجب تكييف هذا النموذج وفقًا لموازين القوى ضمن السياسة الفلسطينية والإسرائيلية بعد انتهاء هذه الحرب.

Read in English

معهد الشرق الأوسط مؤسّسة مستقلّة وحياديّة وتعليمية لا تبغي الربح. لا يشارك المعهد في أنشطة المناصرة، وآراء الباحثين لا تعبّر عن آراء المعهد. يرحّب معهد الشرق الأوسط بالتبرّعات المالية، لكنّه يحتفظ بالحقوق التحريرية الحصرية في أعماله، كما أنّ المنشورات الصادرة عنه لا تعبّر سوى عن آراء كتّابها. يرجى زيارة هذا الرابط للاطّلاع على لائحة بالجهات المانحة لمعهد الشرق الأوسط.
البريد الالكتروني
احصل على أحدث الإحاطات السياسية من معهد الشرق الأوسط وتنبيهات الفعاليات وكل ما هو جديد. ليصلك كل ذلك مباشرة من خلال البريد الإلكتروني الخاص بك