MEI

حقوق المرأة في ظلِّ حُكم طالبان: التداعيات الاجتماعية-الاقتصادية للإقصاء السياسي

مارس 07, 2024


مشاركة

شانتي مارييت ديسوزا

تندرج هذه المقالة ضمن "مبادرة الديمقراطية وحقوق الإنسان والحوكمة" التي تعكس وجهة نظر معهد الشرق الأوسط حيال التهديدات الناشئة التي تطال الحرّية والحقوق السياسية والحرّيات المدنية، والنضال من أجل تحقيق حوكمة عادلة وشفّافة وشاملة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

في واحدةٍ من أولى خطواتها بعد الاستحواذ على السلطة في آب/أغسطس 2021، ألغت حركة طالبان وزارة شؤون المرأة الأفغانية، وأعادت إنشاء "وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وهي هيئة تُعنى بفرض المبادئ الأخلاقية وتسعى إلى منع انتهاكات الشريعة الإسلامية. لم يكن هذا الإجراء مُستَغرَبًا، إلّا أنَّ ما رافقه من لامبالاةٍ من جانب حركة طالبان بشأن إبطال حقوق المرأة فاق كلَّ التوقُّعات. في الواقع، قبل استيلائهم على البلد، سعى مُفاوِضو حركة طالبان إلى إيهام المجتمع الدولي بأنَّهم تبنَّوا رؤية إصلاحية من خلال التعهُّد بحماية حقوق المرأة؛ حتَّى إنَّهم لم يُمانعوا التعامل مع النساء أثناء مناقشة الاتِّفاق بين الولايات المتَّحدة وطالبان في الدوحة. لكنَّ كلَّ هذه الوعود كانت مجرَّد ادِّعاءات زائفة.

عادت عقارب الساعة بالنسبة للكثيرين في أفغانستان إلى سنة 1996، أي عندما سيطرت حركة طالبان على السلطة للمرَّة الأولى. استمرَّ ذاك النظام لمدَّة خمس سنوات فقط، ونجحَ التدخُّل الأمريكي في عام 2001 في محو جزء من الضرر الذي أحدثته حركة طالبان، ثمّ شهدَت أفغانستان عقدَيْن من التدخُّل الدولي. ولكن هذه المرَّة، مع استلام حركة طالبان مقاليد السلطة بعزمٍ وثبات، يبدو أنَّ الخسائر ستكون طويلة الأمد. في المقابل، فإنَّ الكثيرين داخل أفغانستان ما زالوا يعيشون في ظروف لم تتغيَّر قط. ولا بدَّ من النظر إلى قضايا حقوق المرأة في أفغانستان انطلاقًا من هذا السياق.

مكاسب هشّة وغير مستقرّة

قبل نشوء حركة طالبان، أدَّى التدخُّل السوفياتي في عام 1979 إلى حرب ضروس أثقلت كاهل البلد لمدَّة تُناهِز 17 عامًا، وأثَّرت على الظروف المعيشية لجميع الأفغان- رجالاً ونساء. وعلى الرغم من هذه التحدّيات، استأثرت النساء بـنسبة 60% من وظائف الخدمة المدنية في أفغانستان وأكثر من نصف مقاعد الدراسة الجامعيَّة خلال تلك الفترة. ولكنْ، تغيَّرت المعادلة تمامًا على مدى السنوات الخمس التالية: فسرعان ما فرضت حركة طالبان البرقع على النساء الأفغانيات، وجعلتهنَّ أسيرات منازلهنَّ، وحَرَمَتْهنَّ من التعليم أو الحقِّ في العمل.

برزت فرصةٌ للتغيير مع شنِّ "عملية الحرّية الدائمة" وقدوم القوَّات الأمريكية والدولية في أواخر عام 2001. ففي شهر كانون الأوَّل/ديسمبر من تلك السنة، أنشأت الإدارة الأفغانية المؤقَّتة وزارة شؤون المرأة للنهوض بحقوق المرأة وتعزيزها. وعُيِّنَت الناشطة والطبيبة سيما سمر، التي تنتمي إلى مجموعة الهزارة وتُعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، وأوكِلت إليها مهمَّة ترؤس الوزارة الجديدة. بدأت سمر عملَها من الصفر في مكتبٍ مُستأجَر بتمويلٍ ذاتيٍّ، من دون أيِّ ميزانية أو أيِّ فريق عمل. ومع ذلك، بعد تأمين التمويل من جهات مانحة دولية، بدأ الوضع يتغيَّر تدريجيًّا.

عُيِّنَت سمر في عام 2003 رئيسةً للَّجنة الأفغانية المستقلَّة لحقوق الإنسان، لكنْ بقيت وزارة شؤون المرأة تُدار بقيادة وزيرات. فشغلت الدكتورة حبيبة سورابي منصب الوزيرة التالية لشؤون المرأة؛ ثمَّ جرى تعيين مسعودة جلال في هذا المنصب في تشرين الأوَّل/أكتوبر 2004، لتحلَّ محلَّها في تمّوز/يوليو 2006 الدكتورة حُسن بنو غضنفر التي تولَّت هذه الوزارة إلى حين تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في عام 2015. واستُبدِلت غضنفر بدلبار نزاري، إحدى الوزيرات الأربع في حكومة الوحدة الوطنية.

الجدال حول الهيكلية والفاعلية

على الرغم من هذا التمثيل، لم تخلُ أنشطة وزارة شؤون المرأة من تأثير سياسات السلطة وشبكات الزبائنية والصراع الداخلي بين عضوات الجسم التشريعي، ما أضعف فعّالية الهيئة. وقد اتُّهِمَت وزيرات شؤون المرأة المُتعاقِبات مرارًا بالاحتكار العرقي أو السياسي لمناصب الوزارة واستبعاد الشبكات النسائية المعنيّة. نتيجةً لذلك، غابت عن المجلس التشريعي الأفغاني "كتلة نسائية" موحّدة تسعى إلى تنفيذ برنامج مشترك للنهوض بحقوق المرأة.

على سبيل المثال، في تمّوز/يوليو 2016، قدّمت ثلاث نائبات اقتراحًا يقضي بحجب الثقة عن وزيرة شؤون المرأة آنذاك دلبار نزاري. واتُّهِمَتنظري، وهي أوزبكية من ولاية بلخ، بالفساد الإداري والأخلاقي، والمحسوبيات، وضعف الإدارة، وعدم الكفاءة- على غرار التُّهم الموجَّهة ضدَّ بعض نظرائها الذكور. ولكنَّ اقتراح حجب الثقة عنها لم يَنَل الأكثرية في المجلس

كذلك، لعبَ النهج المُحافِظ والنظام الذكوري دورًا في الحدِّ من فاعلية المرأة في العمل السياسي حتَّى بعد عام 2001. فاضطرَّت سيما جويندا، التي عُيِّنَت حاكمةً لولاية غور في حزيران/يونيو 2015، إلى الاستقالة بعد أن رفضَ مجلس العلماء (الديني الإسلامي) أن يعمل تحت قيادة امرأة حاكِمة. وحلَّ مكانها غلام ناصر خاز، الذي له علاقات وثيقة بالرئيس التنفيذي عبد الله عبد الله. ثمّ عُرِضَ على جويندا منصب نائب الحاكم في كابول، إلَّا أنَّها رفضت. وفي خطوة مُشابِهةٍ، استُبدِلَت سيِّدة أخرى، وهي معصومة مرادي، التي عُيِّنَت حاكمةً لولاية دايكندي، وحلَّ محلَّها رجلٌ بعد اعتراض الزعماء الدينيين والمُعارِضين السياسيين. ورفضَ المجلس التشريعي محاولة الرئيس أشرف غني تعيين سيِّدة في المحكمة العليا الأفغانية، فتمَّ تعيين رجلٍ بدلًا منها. وأثناء عملي مع المديرية المستقلَّة شبه الوزارية للحكم المحلِّي في أفغانستان، روَت لي عضوات المجلس المحلِّي في قندهار مشكلتهنَّ المتمثِّلة في عدم السماح لهنَّ بمقابلة الحاكم لأنَّ حُرَّاس الأمن لم يسمحوا لهنَّ بالدخول. وقد ساهمت هذه القيود الهيكلية في الحدِّ من فاعلية المرأة بشكل كبير بعدَّة طرق. بالتالي، ظلَّت قيادة المرأة ومشاركتها في العمل السياسي مجرَّد صورة رمزية في معظم الأحيان، من دون آثار ملموسة لناحية المشاركة السياسية للمرأة أو تعزيز دورها في العمليات السياسية.

تغييرات تدريجية ونجاحات محدودة

على الرغم من هذه القيود الوظيفية والتحدِّيات الهيكلية، تبوَّأت النساء الأفغانيات منذ الانتخابات النيابية الأولى في عام 2004 مناصب وزيرات ونائبات لحُكَّام الولايات ونائبات للوزراء ودبلوماسيات- وصولاً إلى عملهنَّ كقناصل وسفيرات. وترأَّست بعض النساء لجانًا حكومية مهمَّة. وقبل عودة حركة طالبان إلى السلطة، احتلَّت النساء -بموجب نظام المحاصصة المنصوص عليه في دستور عام 2004 والذي يفرض تخصيص 68 مقعدًا للنساء في المجلس التشريعي- 69 مقعدًا من أصل 249 في الهيئة التشريعية. وفي الواقع، كانت حصَّتهنَّ البالغة 27.7% هي الأعلى بين جميع الهيئات التشريعية في بلدان جنوب آسيا في ذلك الوقت.

وفي ظلِّ النظام الذي طُبِّقَ بعد عام 2001، خطت أفغانستان عدَّة خطوات هامَّة إضافية لتمكين المرأة وتوسيع مشاركتها في اقتصاد البلاد. ففي عام 2017، أُطلِقَت غرفة التجارة والصناعة للمرأة الأفغانية، وهي منصَّة تهدف إلى خدمة المؤسَّسات التي تملكها نساء، بدعمٍ من الحكومة الأفغانية. وفي شهرَيْ تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأوَّل/ديسمبر 2018، احتفلت وزارة شؤون المرأة، بدعمٍ ماليٍّ من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، بأيّام النشاط لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي الـ16 في كابول. وأقرَّت وزارة التعليم "سياسة تعليم الفتيات" في عام 2019، كما أعلنت عن خطط لتوظيف 30,000 معلِّمة من أجل تشجيع المزيد من الفتيات على الالتحاق بالمدارس.

وبفضل الحضور الدولي الذي دامَ 20 عامًا في أفغانستان، ازدادت تدريجيًّا قدرة الفتيات والنساء على تحقيق أحلامهنَّ وطموحاتهنَّ. وبالرغم من القيود الهيكلية الناجمة عن النظام الذكوري، التحقت آلاف الفتيات بالمدارس والكليات والجامعات. وتمكَّنت آلاف النساء من العثور على فُرَص عمل في القطاعَيْن الخاصّ والحكومي، كالوزارات ووسائل الإعلام والمستشفيات والمؤسَّسات التعليمية. وعملَ العديد منهنَّ في مجال الأزياء الآخذ في النمو وفي صالونات التجميل. وحدثت تطوُّرات منهجية ساهمت في تقويض الحدود التي تفصل الفتيات والنساء عن الفتيان والرجال وأزالتها إلى حدٍّ ما، علمًا أنَّ هذه الظواهر بقيت محصورة بالإجمال في المُدُن. وحصلَ عددٌ متزايد من الأُسَر التي تُعيلها نساء على فُرَص عمل سمحت لها بتحسين ظروفها المعيشية.

ولكنْ، في الوقت نفسه، من الصعب ربط التمثيل السياسي للمرأة بالتنمية الاجتماعية-الاقتصادية للبلد. فوجود المرأة في الحقل السياسي كانَ يُعتبَر رمزيًّا في الأغلب في المشهد السياسي الوطني. ونظرًا لطبيعة النظام السياسي الذكوري القائم على المحسوبيات وطموحاتهنَّ السياسية المحدودة، لم تتمكَّن النساء في الفضاء السياسي من تعزيز دورهنَّ كصانعات للتغيير في المجتمع الأفغاني. فغالبيتهنَّ يربطْنَ وجودهنَّ إلى حدٍّ كبير بالمتطلَّبات التي فرضتها الجهات المانحة الدولية للوفاء بنظام الحصص؛ ولم يستطعْنَ العمل فعليًّا على زيادة مشاركة المرأة في المجالات السياسية أو الاجتماعية والاقتصادية. وبطبيعة الحال، لم تكن فترة الـ20 سنة كافيةً لكسر الحواجز الهائلة التي فرضها المجتمع على المرأة.

عودة حركة طالبان

مع استعادة حركة طالبان السيطرة على كابول ومُسارعتها إلى فرض سياسات تحدُّ من وصول المرأة إلى التعليم وفُرَص العمل، أدَّت هذه المستجدَّات الكارثية إلى إبطال التقدُّم البطيء، ولكنْ المستمرّ حتى ذلك التاريخ، نحو تمكين المرأة وتحقيق اكتفائها الذاتي الاقتصادي. قبل إنشاء الإمارة الإسلامية في أيلول/سبتمبر 2021، شهدت أفغانستان عدَّة أشهر فرَّ خلالها العديد من الأفراد المرتبطين بالنظام المدني، ومن بينهم معظم القيادات النسائية. وفيما كشفَ نظام طالبان الثاني عن سلسلةٍ من التدابير الرامية إلى الحدِّ من هامش العمل المتاح للنساء، حاولَ أيضًا أن يقمع حركات المقاومة الشجاعة التي نظَّمتها النساء في المُدُن. وسرعان ما اتَّضَحَ أنَّ البيئة التي وُجِدَت فيها الفتيات والنساء الأفغانيات فُرَصًا للعمل والتعليم وسُبُلًا للتمكين قد زالت. واضطُرَّت أُسَر كثيرة إلى مواجهة الفقر المدقع ومشكلات الصحَّة النفسية وحتَّى حالات الانتحار.

في عام 2023، أشارت تقديرات منظَّمة العمل الدولية إلى أنَّ 25% من وظائف النساء قد فُقِدَت منذ استيلاء حركة طالبان على السلطة في عام 2021. وفي أعقاب إغلاق مدارس الفتيات فوق الصفِّ السادس، بدأت حركة طالبان بتعيين فائض المعلِّمات للعمل في مناطق نائية، ما أجبرَ العديد منهنَّ على ترك وظائفهنَّ بسبب صعوبة المواصلات والتحدِّيات اللوجستية التي تفرض عليهنّ أن يُرافقهنَّ "محرم" أثناء التنقُّل. ونتيجةً لذلك، لجأت العديد من النساء العاملات إلى الأعمال المنزلية مثل الخياطة، ما أدَّى إلى انخفاض دخلهنَّ بشكلٍ كبير. ووجدت النساء في الكثير من القطاعات الأخرى أنَّه لم يعد بإمكانهنَّ ربط أعمالهنَّ بالفُرَص المتاحة في الخارج. وفي ظلِّ القيود المتعلِّقة بالتأشيرات والأوامر الحكومية، بقيت هذه الأعمال محلِّية بالكامل، وظلَّت محصورة ضمن نطاق ضيِّق، مُكتفِيةً بتلبية الاحتياجات المحلِّية المتضائلة.

لا تزال حركة طالبان تسمح للنساء بالعمل في قطاعات معيَّنة، مثل موظَّفات الأمن لتفتيش الركَّاب الإناث في المطار والممرِّضات لرعاية المريضات في المستشفيات. وفي أعقاب الزلازل المدمِّرة التي وقعت عام 2023، سمحَ النظام بتشكيل فِرَق نسائية لزيارة المناطق المتضرِّرة وتقديم الرعاية للضحايا من النساء. وعاودت غرفة التجارة والصناعة للمرأة الأفغانية مزاولة نشاطها: ففي شهر آذار/مارس 2023، نظَّمت بالتعاون مع برنامج الأمم المتَّحدة الإنمائي معرضًا امتدَّ لثلاثة أيَّام في دبي. ومع ذلك، اضطرَّت العديد من سيِّدات الأعمال الأفغانيات اللواتي يُروِّجن للسجَّاد والمجوهرات والفواكه المجفَّفة وغيرها من السلع المصنوعة يدويًّا في الأسواق الدولية أن يُشارِكْنَ عبر الإنترنت إذ لم يُسمَح لهنَّ بالسفر إلى الخارج.

في حال لم تُذلَّل القيود التي فرضتها حركة طالبان لمنع تعليم الفتيات فوق الصفِّ السادس، قد يُشكِّل ذلك تحدِّيًا فريدًا أمام مستقبل المرأة في البلد. وفي الأمد المتوسِّط، لن تبقى في أفغانستان أيُّ امرأة مثقَّفة لتتمكَّن من تولِّي الوظائف القليلة التي ما زالت متاحة أمامها. وبعد فترة معيَّنة، قد يفرغ البلد من القيادات النسائية المثقَّفة، ما سيؤدِّي إلى أزمة حادَّة في الحوكمة بسبب نقص القدرات الذي سيتفاقم نتيجة هجرة رأس المال البشري على نطاقٍ أوسع.

قصص الصمود والفُرَص

تحدَّثتُ مع وزيرة التعليم الأفغانية السابقة رانجينا حميدي لسؤالها عمَّا إذا كانت ترى أنَّ الوضع الحالي يُنهي مسار تمكين المرأة في أفغانستان. واعترفت حميدي، وهي وزيرة التعليم الأولى في البلد، بوجود التحدِّيات، لكنَّها أشارت إلى صمود العديد من المجموعات النسائية التي تحرص، رغم قيود البيئة المحلِّية، على القيام بمبادرات اقتصادية وتجارية لتلبية احتياجات العملاء في الداخل والخارج. تقضي حميدي معظم وقتها في قندهار، أي مركز القوَّة الأيديولوجية لحركة طالبان، حيث تُدير مؤسَّسة كنز قندهار الاجتماعية التي تُوظِّف النساء في مشاريع التطريز اليدوي. كذلك، فإنَّ منظَّمة "المسار الآمن للازدهار"، التي أسَّستها رائدة الأعمال زالا أحمد وشقيقتها في أفغانستان، توظِّف النساء في كابول وقندهار لصنع فوط صحِّية قابلة لإعادة الاستخدام، وهو مسعى تقوم به النساء من أجل النساء. ويُعَدُّ هذا المشروع الاجتماعي-الاقتصادي الذي يستند إلى نهجٍ شمولي طريقةً مبتكرة لتوفير التدريب وفُرَص العمل والرعاية للنساء من خلال إنشاء دوائر "سلامتي" (الرفاه).

ليست هذه المشاريع سوى عيِّنة عن المنظَّمات الصغيرة المتعدِّدة - التي نادرًا ما يُسلَّط عليها الضوء في وسائل الإعلام الدولية، والتي تعمل بحذر وسط القيود التي تفرضها حركة طالبان، لكنَّها تُقدِّم في الوقت نفسه فُرَص عمل للنساء. ويبدو أنَّ حركة طالبان تتقبَّل فكرة عمل النساء وكسبهنَّ المال من خلال نسج السجّاد والفنون والحِرَف التقليدية وغير ذلك من الأعمال المماثلة ضمن إطار العادات والتقاليد المحلِّية. وفي الوقت نفسه، تستمرُّ مراكز التعليم السرِّية في تعليم الفتيات، حتَّى مع احتمال حصول مُداهَمات من وزارة النهي عن المنكر.

صحيح أنَّ هذه المشاريع والعمليات التعليمية السرِّية غير كافية، إلَّا أنَّها تُزوِّد النساء في أفغانستان ببعض مصادر الدخل والتدريب والمواساة. وفي حين تجد الأصوات التي تُنادي بحقوق المرأة في الشتات الأفغاني صدًى لدى وسائل الإعلام الدولية، فقد آنَ الأوان لإعادة التركيز على الجهود داخل أفغانستان من أجل تعزيز فاعلية النساء اللواتي يعشنَ تحت حُكم طالبان. وينبغي ألَّا تبقى المساعي مجرَّد شعارات رمزية، بل يجب حماية حقوق المرأة من خلال التعاون مع هذه المبادرات الشعبية والمشاريع الاجتماعية ومساعدتها لمدِّ يد العون للنساء الأفغانيات وإخراجهنَّ من مأساتهنَّ الحالية.

الدكتورة شانتي مارييت ديسوزا هي رئيسة زائرة ضمن برنامج فولبرايت-نهرو في كلية السياسات العامَّة في جامعة ماساتشوستس-أمهيرست، ومُؤسِّسة منتدى "مانترايا" ورئيسته، وزائرة في هيئة التدريس في الكلية الحربية البحرية في غوا، وباحثة غير مُقيمة في معهد الشرق الأوسط. وقد عملت في القطاع الحكومي وغير الحكومي في عدَّة ولايات أفغانية لأكثر من عشر سنوات.

Read in English

معهد الشرق الأوسط مؤسّسة مستقلّة وحياديّة وتعليمية لا تبغي الربح. لا يشارك المعهد في أنشطة المناصرة، وآراء الباحثين لا تعبّر عن آراء المعهد. يرحّب معهد الشرق الأوسط بالتبرّعات المالية، لكنّه يحتفظ بالحقوق التحريرية الحصرية في أعماله، كما أنّ المنشورات الصادرة عنه لا تعبّر سوى عن آراء كتّابها. يرجى زيارة هذا الرابط للاطّلاع على لائحة بالجهات المانحة لمعهد الشرق الأوسط.

متعلق بالمنطقة

البريد الالكتروني
احصل على أحدث الإحاطات السياسية من معهد الشرق الأوسط وتنبيهات الفعاليات وكل ما هو جديد. ليصلك كل ذلك مباشرة من خلال البريد الإلكتروني الخاص بك