تقييم لمتانة علاقات إسرائيل الإقليمية بعد مرور شهر على حرب إسرائيل-حماس
نوفمبر 06, 2023نمرود غورين
نمرود غورين
في 7 تشرين الأول/أكتوبر، شنّت حركة "حماس" هجومًا إرهابيًا عنيفًا وغير مسبوق باغتت فيه إسرائيل ودول الجوار. وأتى الردّ الإسرائيلي الانتقامي شديدًا للغاية، مُلحِقًا أضرارًا جسيمة بالفلسطينيين في غزة، ما وضع علاقات إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط على المحك.
اضطرّ قادة المنطقة، الذين يعارِضون بمعظمهم سياسات "حماس"، أن يحسبوا ردودهم بعناية لكي يصونوا مصالحهم الوطنية ويستجيبوا في الوقت نفسه للرأي العام المناهض لإسرائيل. وسبق أن خاضت إسرائيل جولات من القتال مع جهات مثل "حزب الله" و"الجهاد الإسلامي الفلسطيني"، في ظلّ تأييد من وراء الكواليس وانتقادات في العلن من القادة الإقليميّين. إلّا أنّ المشهد مختلفٌ هذه المرة، إذ تأخذ هذه المواجهة وتداعياتها الإقليمية المحتملة أبعادًا أخطر وأوسع نطاقًا.
بعد مرور شهر تقريبًا على بداية القتال، يجوز إجراء تقييم أوّلي لمتانة العلاقات الإقليمية لإسرائيل في ضوء الحرب بين إسرائيل و"حماس". وفي حين ما زالت الأحداث تتبلور يومًا بعد يوم، ومن المرجح أن تستمر لعدة أشهر، يمكن ملاحظة بعض التطورات الرئيسية في المواقف المتبادلة بين إسرائيل والدول الإقليمية التي تربطها بها علاقات رسمية، ولا سيما مصر والأردن وتركيا والإمارات العربية المتّحدة.
إسرائيل-مصر
تقوم العلاقة بين إسرائيل ومصر على مجموعة قواعد التزم الطرفان بها عمومًا في كلّ جولة من التصعيد في غزّة على مدى العقدَيْن الماضيَيْن. فلطالما درجَت مصر على أداء دور الوسيط الدولي بهدف التوصّل إلى وقف لإطلاق النار، والتواصل مع الطرفَيْن، والدعوة لاستعادة الاستقرار، وتقديم المساعدات الإنسانية. غير أنّ مصر ليست مجرد طرفٍ ثالث هذه المرّة. فبسبب شدّة النزاع وفداحة الأزمة الإنسانية الناجمة عنه، باتت بعض المصالح المصريّة الوطنية معرضة للخطر، ما أذكى توترات جديدة مع إسرائيل، على الرغم من رغبة البلدين المشتركة على ما يبدو في إخراج "حماس" من السلطة في غزة.
وسرعان ما ظهرت تلك التوترات الثنائية واتّخذت أشكالًا متعددة. ففي 8 تشرين الأول/ أكتوبر، قُتل سائحان إسرائيليان على يد شرطيٍّ مصري في الإسكندرية. وبعد يوم واحد، أفادت تقارير بأنّ مصر حذّرت إسرائيل مبكرًا بشأن هجوم محتمل من غزة، لكنها لم تلقَ آذانًا صاغية في إسرائيل (وهو ما نفاه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي بشكل قاطع). بالإضافة إلى ذلك، حثّ وزير التربية يوآف كيش الفلسطينيّين على مغادرة غزة إلى مصر (ما أثار غضب المصريّين)، كما واجهت مصر انتقادات متزايدة (اعتبرت القاهرة أنّ إسرائيل تقف خلفها) لعدم فتح معبر رفح الحدودي.
على إثر هذه التوتّرات، ولا سيما المخاوف المصرية من المخطّط الإسرائيلي الذي يقضي بنقل الفلسطينيين قسرًا إلى شبه جزيرة سيناء، اعتمد الرئيس عبد الفتاح السيسي خطابًا حادَّ اللهجة تجاه إسرائيل، محذِّرًا من أنّ هذا سيناريو قد يؤدي إلى اندلاع حرب إسرائيلية-مصرية، وهي عبارات لم يسمعها الإسرائيليون من مصر منذ سنوات. لذا، من أجل طمأنة المصريّين إلى حدّ ما، سمحت إسرائيل تدريجيًا بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، بتشجيع الولايات المتحدة.
فضلًا عن ذلك، انتقدت مصر بشدّة ضراوة الهجمات الإسرائيلية في غزة وامتنعت عن التواصل العلني مع المسؤولين الإسرائيليّين (بما في ذلك عدم دعوة إسرائيل إلى قمة القاهرة للسلام، التي عُقِدَت في 21 تشرين الأول/أكتوبر). إلا أنّ مستوى العلاقات الدبلوماسية الثنائية لم يشهد تغيّرات حتى الآن. وعلى عكس بعض التجارب السابقة، لم تستدعِ مصر سفيرها من تل أبيب للتشاور، ولم يتم الإعلان عن أيّ وقف للتعاون القائم.
عمليًا، توقّفت إسرائيل عن تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، ويُعزى ذلك لإغلاق حقل غاز "تمار" لأسباب أمنية لا علاقة لمصر بها. في الوقت نفسه، ما زالت إسرائيل ومصر تنسّقان بفعالية لاحتواء الحوادث الأمنية على طول حدودهما، إلى جانب الوساطة لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين (وهو الأمر الذي شكرت إسرائيل مصر عليه)، وتسليم المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح الحدودي. ترى إسرائيل أن مصر ركنٌ أساسي في أيّ مبادرات وترتيبات دولية مستقبلية تتعلق بغزة، ويبدو أن مصر تنوي الحفاظ على مكانتها الرائدة في دعم جهود الوساطة وفي رسم الواقع الذي ستظهر معالمه بعد الحرب.
إسرائيل–الأردن
تدهورت العلاقات بين إسرائيل والأردن في ظلّ حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة الحالية. فقد أعرب الأردن عن قلقه إزاء تزايد العنف في الضفة الغربية وتفاقم التوترات حول المسجد الأقصى طوال عام 2023. وتندرج الحرب بين إسرائيل و"حماس" ضمن المخاوف الأردنية نفسها بشأن امتداد النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني إلى الأردن والتسبب في اندلاع اضطرابات شعبيّة قد تهدد الاستقرار السياسي في المملكة. وتجّلى أيضًا قلق الأردن بوضوح إزاء التداعيات السلبية المحتملة للحرب على مصالحه الوطنية، وذلك في الرسالة التي وجّهها إلى الحوثيين و"حزب الله"، والتي دعاهما فيها بحسب التقارير إلى الامتناع عن الانخراط في أعمال قد تؤثر على المملكة.
كذلك، أعرب الأردن عن تخوفه من أن تحاول إسرائيل نقل الفلسطينيين من الضفة الغربية، في أعقاب حربها على غزة. واستخدم الملك عبد الله الثاني خطابًا شديد اللهجة لانتقاد إسرائيل طوال الشهر الأول من الحرب، وألغى القمة التي كان من المقرر عقدها في عمّان مع الرؤساء الأميركي والمصري والفلسطيني، في أعقاب الانفجار الذي وقع في المستشفى الأهلي العربي. كما وجّهت الملكة رانيا انتقادات صريحة لإسرائيل وندّدت بردود الفعل الغربية. بالتوازي مع ذلك، نزلَ الأردنيّون إلى الشوارع للاحتجاج بالقرب من السفارة الإسرائيلية ونظّموا مسيرات نحو الحدود.
لم يحدث أي تواصل رسمي علني بين إسرائيل والأردن خلال الشهر الأول من الحرب. علاوة على ذلك، أصبح الأردن الدولة الإقليمية الأولى (والوحيدة حتى الآن) التي تستدعي سفيرها من تل أبيب للتشاور؛ وأخطرت المملكة إسرائيل أن سفيرها في عمّان غير مرحّب به إلا بعد انتهاء الحرب. مع ذلك، لم يتم الإعلان رسميًا عن خفض مستوى العلاقات، ولا عن إلغاء أيّ مبادرات مشتركة. لا بل يبدو أنّ التنسيق الثنائي مستمرٌّ خلف الكواليس، وهو ما أفضى إلى إنزال القوات الجوية الأردنية مساعدات طبية عاجلة إلى غزة، بموافقة إسرائيل.
وعلى غرار الاعتراضات الأردنية السابقة على أداء إسرائيل، اتخذت عمّان خطوات عدّة على الساحة الدولية لتعزيز مصالحها. فبادرت إلى اقتراح قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو إلى وقف إطلاق النار وحماية المدنيّين وإطلاق سراح الأسرى، أيّدته غالبية الدول الأعضاء لكنّه لاقى معارضة الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية لأنه لم يُدِن "حماس" ولم يعترف بحقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها. وكان الملك عبد الله قد حثّ أيضًا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الدفع نحو إنهاء الحرب.
تُدرِك الولايات المتحدة بطبيعة الحال أهمّية الدور الدبلوماسي الأردني في المسألة الإسرائيلية-الفلسطينية. وكان من المفترض أن يستضيف الملك عبد الله قمة إقليمية خلال زيارة الرئيس جو بايدن إلى الشرق الأوسط بعد أقل من أسبوعين من بدء الحرب. كما أنّ عمّان أصبحت محطة متكررة في زيارات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة. وفي زيارته الأخيرة في 4 تشرين الثاني/نوفمبر، عقد بلينكن اجتماعًا مشتركًا ضمّ دبلوماسيين ومسؤولين من مصر، والأردن، والمملكة العربية السعودية، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، وفلسطين.
إسرائيل-تركيا
خلال ولاية الرئيس رجب طيب أردوغان الممتدّة على 20 سنة، شهدت العلاقة بين إسرائيل وتركيا أزمات سببها إجمالاً التوتّرات حول القدس وغزّة. وخلال جولات القتال السابقة، كانت قدرة تركيا على دعم المساعي الدبلوماسية محدودة، رغم اهتمامها بالاضطلاع بهذا الدور. فبالنسبة لإسرائيل، لا يمكن لتركيا أن تلعب دورَ الوسيط نتيجة علاقاتها المتوتّرة مع إسرائيل من جهة والوثيقة مع "حماس" من جهة أخرى. كذلك، لم تعتبر القاهرة أنّ تركيا أهلٌ لأداء هذا الدور نتيجة علاقتها المتأزّمة مع مصر.
لكنّ تركيا وجدت نفسها في وضعٍ مختلف في بداية الحرب الحاليّة – فهي استعادت علاقتها مع إسرائيل، ما أفضى إلى عقد اجتماعٍ بين رئيسَيْ البلدَيْن في منتصف أيلول/سبتمبر الماضي، كما تمّت معالجة التوتّرات في العلاقة بين تركيا ومصر. كلّ تلك العوامل مهّدت الطريق لتركيا كي تلعب دورًا أكثر فعالية في الحرب بين إسرائيل و"حماس". وقد عبّرت تركيا عن رغبتها في المساعدة في حلّ أزمة الرهائن الإسرائيليّين بعد فترةٍ وجيزة من اندلاع الحرب، واقترحت بعض الأفكار حول كيفية حلّ النزاع بين إسرائيل وفلسطين، ونسّقت مع مصر لتلبية الاحتياجات الإنسانية ومدّت غزّة بالمساعدات عبر مطار العريش الدولي في شبه جزيرة سيناء.
ولكن، مع تصاعد حدّة الهجمات الإسرائيلية على "حماس" وتزايد الأضرار اللاحقة بقطاع غزّة، اشتدّت نبرة أردوغان، الذي بادر إلى الاتّصال بالرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ بعد يومَيْن من اعتداء 7 تشرين الأول/أكتوبر. ومنذ ذلك الحين، أعلن الرئيس التركي أنّه "يجب وقف" إسرائيل وأن "حماس" ليست منظّمة إرهابية. وقد أيّد كثيرون في تركيا هذا الموقف ونظّموا تظاهرات ضخمة دعمًا للفلسطينيّين وحاولوا اقتحام مقرّات البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية. ورغم تأييد غالبية الأطياف السياسية في تركيا للفلسطينيين، لا يعكس ذلك بالضرورة آراء أردوغان الخاصّة بشأن "حماس".
في العام 2018، طرد أردوغان السفير الإسرائيلي من أنقرة بعد اندلاع الاشتباكات في غزّة، وتراجع مستوى العلاقات حُكمًا بين البلدَيْن. في الواقع، مضت أربع سنوات تقريبًا قبل عودة العلاقات الدبلوماسية إلى سابق عهدها بين البلدَيْن. والآن، ألغى أردوغان زيارته هو وزيارة وزير الطاقة التركي المُقرَّرتَيْن إلى إسرائيل، ما دفع وزير الخارجية الإسرائيلي كوهين إلى الإعلان عن إعادة النظر في العلاقات الثنائية نتيجة مواقف أردوغان وسلوكه. ومع استمرار القتال في غزّة، استدعى أردوغان سفير تركيا في إسرائيل للتشاور، وقال إنّ نتنياهو لم يعُد شريكًا يمكن التحدّث معه. لكنّ الرئيس التركي أوضح في الوقت نفسه أنّه لا يمكن قطع العلاقات الثنائية، وأنّ رئيس الاستخبارات التركية يتواصل مع كلٍّ من الفلسطينيّين والإسرائيليّين.
إسرائيل-الإمارات العربية المتّحدة
كما هو الوضع في مصر، تعارض الإمارات العربية المتّحدة بشدّة حركة "الإخوان المسلمين" والجماعات التابعة لها في المنطقة، ومن ضمنها حركة "حماس". وفيما اعتبرت الإمارات أنّ ضمان الاستقرار الإقليمي هو الدافع الرئيسي لتوقيع اتفاقيات إبراهيم مع إسرائيل في العام 2020، بدا أنّ هجوم "حماس" أثار استهجانها، كونه يقضي على الآمال في مواصلة مساعي التهدئة في الشرق الأوسط، أقلّه على المديَيْن القريب والمتوسط.
واللافت أنّ الإمارات العربية المتحدة هي الدولة العربية الوحيدة التي تواصلت علنًا مع إسرائيل عقب اعتداء السابع من تشرين الأول/أكتوبر. فبعد استنكار وزير الخارجية الإماراتي لهجوم "حماس" (وهو موقف فريد من نوعه من جانب الإمارات، مقارنةً بردود الفعل العربية الأخرى)، اتّصل الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. كذلك، أجرت الإمارات محادثات دبلوماسية مع الإدارة الأميركية بشأن التطوُّرات في غزّة. ومع استمرار الحرب، أدانت الإمارات أيضًا الهجوم البريّ الإسرائيلي وقدّمت مساعدات إنسانية كبيرة إلى الفلسطينيّين (مع تخصيص 20 مليون دولار أميركي وتقديم المعونة الطبية)، كما دعَت إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للمطالبة بحماية المدنيّين وإقرار هدنة إنسانية.
بالرغم من المزاج الشعبي المُعارِض لإسرائيل، شدّدت الإمارات العربية المتّحدة على أنّ اتفاقيات إبراهيم ستبقى قائمة. وبعد مرور أربعة أسابيع على الحرب بين إسرائيل و"حماس"، أشار رئيس لجنة شؤون الدفاع والداخلية والخارجية في المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي علي راشد النعيمي إلى أنّ الاتفاقيات هي بمثابة منصّة من شأنها "أن تنقل المنطقة إلى وضع يتمتّع فيه الجميع بالأمن والاستقرار والازدهار". وعليه، لم تغيّر الإمارات مستوى العلاقات مع إسرائيل حتى الآن، ولم تنسحب من مشاريع التعاون الثنائية وتلك التي تجمع مجموعة مصغّرة من الأطراف المعنيّة، والتي سبق أن أُقيمت مع إسرائيل، بما في ذلك دعوة هرتسوغ ونتنياهو لحضور مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيُّر المناخ (مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين)، الذي سيُعقد في دبي في وقتٍ لاحق من هذا العام.
خلاصات
من الواضح أنّ الحرب بين إسرائيل و"حماس" تؤثّر سلبًا على علاقات إسرائيل الإقليمية، ويتّضح ذلك أكثر فأكثر مع استمرار العمليات الحربيّة. فقد تراجع التواصل العلني الرسمي بين إسرائيل وقادة المنطقة إلى أدنى مستوياته منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، بالرغم من استمرار التنسيق حول مسائل هامّة وراء الكواليس.
خلال الأسابيع الأولى من الحرب، لم تُسارِع أي دولة من دول المنطقة إلى خفض مستوى علاقاتها مع إسرائيل، ولم يُعلن أيٌّ منها إلغاء مشاريع التعاون الثنائية أو تلك التي تجمع مجموعة مصغّرة من الأطراف المعنيّة. صحيح أنّ بعض الدول سحبت سفرائها بعد بدء الهجوم البري الإسرائيلي، لكنّها لم تتّخذ أيّ قرار رسمي بشأن تغيير مستوى العلاقات. وتسعى الدول الإقليمية إلى تحقيق توازن بين مصلحتها في الحفاظ على العلاقات مع إسرائيل وحاجتها إلى انتقاد أفعالها في غزّة.
قد تستمرّ هذه المواقف خلال الأسابيع المقبلة، خصوصًا في ضوء القمّة الطارئة لجامعة الدول العربية المرتقبة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر، والتي سيُبيّن نطاقها ونتائجها مدى متانة الهيكل الإقليمي الجديد الذي ساهمت الولايات المتحدة الأميركية في إرسائه خلال السنوات الأخيرة، والذي كان له أثرٌ تحويليٌّ إيجابي على علاقات إسرائيل في المنطقة.
تبذل الولايات المتحدة الأميركية جهودًا واضحة لإدارة الحرب القائمة منذ اندلاعها، فهي تقف بوضوح إلى جانب إسرائيل وتقدّم لها المشورة بشأن عملياتها، وتعمل على ردع "حزب الله" وإيران، وتدعم المساعي الإنسانية. والآن، ينبغي على الولايات المتّحدة أن تسعى إلى الحدّ من الضرر الذي يلحقه النزاع المستمر بعلاقات إسرائيل مع جيرانها العرب والمسلمين.، وأن تُعطي الأولوية بالتالي للحفاظ على العلاقات الرسمية بين إسرائيل ودول الجوار. ولتحقيق هذا الهدف، من المهمّ وضع وتنفيذ استراتيجية فعّالة للخروج من النزاع الحالي، والعمل على رسم معالم المشهد الإقليمي بعد انتهاء الحرب بما يسهّل الوصول في نهاية المطاف إلى حلّ الدولتَيْن.
يبدو أنّ الدول الإقليمية التي تسعى إلى المساهمة في صياغة هذه التحوُّلات تُدرِك أنّ الحفاظ على علاقاتها مع إسرائيل سيمكّنها من أداء دور أكثر فعالية بعد انتهاء الحرب. في الواقع، شعرت إسرائيل ودول الجوار خلال السنوات الأخيرة بأنّ التواصل الدبلوماسي المستمرّ، حتّى في ظلّ الخلافات العميقة، له آثارٌ إيجابية ويساهم في إرساء استقرار إقليمي أوسع نطاقًا على المدى البعيد. وبالتالي، ينبغي على الولايات المتحدة الأميركية أن تعزّز هذه التفاهمات وتساعِد المنطقة على تجاوز تحدّيات الحرب الحالية في سبيل تحقيق السلام.
د. نمرود غورين زميل أوّل مختصّ بالشؤون الإسرائيلية في معهد الشرق الأوسط ورئيس المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية "ميتفيم"، وأحد مؤسّسي مجلس دبلوماسية البحر الأبيض المتوسط Diplomeds.
معهد الشرق الأوسط مؤسّسة مستقلّة وحياديّة وتعليمية لا تبغي الربح. لا يشارك المعهد في أنشطة المناصرة، وآراء الباحثين لا تعبّر عن آراء المعهد. يرحّب معهد الشرق الأوسط بالتبرّعات المالية، لكنّه يحتفظ بالحقوق التحريرية الحصرية في أعماله، كما أنّ المنشورات الصادرة عنه لا تعبّر سوى عن آراء كتّابها. يرجى زيارة هذا الرابط للاطّلاع على لائحة بالجهات المانحة لمعهد الشرق الأوسط.