المرأة العربية تكسر القيود والصور النمطية في جيوش الشرق الأوسط
مارس 28, 2023ميليسا هورفاث, كايتي كرومبي, جاسمن السيد
ميليسا هورفاث, كايتي كرومبي, جاسمن السيد
مع اقتراب شهر تاريخ المرأة [شهر مخصص للاحتفاء بالنساء وانجازاتهم] في الولايات المتحدة من نهايته، تواصل النساء في القوات المسلحة في العديد من دول الشرق الأوسط تحقيق إنجازات تاريخية، حيث يعمل العديد منهم الآن كطيّاريات ومهندسات، وفي قوات حفظ السلام ووحدات القوات الخاصة. في حين أن إدماج المنظور الجنساني في الجيوش العربية قد تأخر بشكل عام عن الجيوش الغربية، فإن دور المرأة يتزايد باطراد نتيجة للمبادرات والسياسات الجديدة والعقليات المتغيرة تدريجياً في الشرق الأوسط.
لا يزال الدعم الأمريكي المستمر للنهوض بالمشاركة الهادفة للمرأة في قطاعي الدفاع والأمن للدول الشريكة - من خلال مبادرات المرأة والسلام والأمن (WPS)، ومختلف برامج التعاون والمساعدة الأمنية - أمرًا بالغ الأهمية. بموجب خطة وزارة الدفاع "تنفيذ إطار العمل الاستراتيجي لمبادرات المرأة والسلام والأمن لعام 2020"، يمكن للوزارة توفير فرص ومشاركات وتدريب وتعليم إضافية لتعزيز هذه الإنجازات.
أول طيّارة لبنانية لطائرة نفاثة مقاتلة
في لبنان، دخلت الملازم طيّار جنى صادر، 24 عامًا، التاريخ في وقت سابق من هذا العام، عندما أصبحت أول امرأة تقود طائرة نفاثة مقاتلة في بلادها. بعد أن أمضت ما يقرب من عامين في التدريب كطّيارة في ولاية تكساس، فإنها تمثل أحدث مثال على سعي لبنان لزيادة التحاق الإناث بالجيش. تمثل جنى، مثلها مثل العديد من قريناتها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، الرغبة المتزايدة لدى النساء في الانضمام للقوات المسلحة. كما أن رغبتها، جنبًا إلى جنب مع العديد من النساء الأخريات الشجاعات، حفزت الإصلاحات لكسر القيود المجتمعية لزيادة المساواة بين الجنسين في هذه الأدوار.
كبرت جنى وهي تحب الكيمياء، لكنها أدركت أنها تريد أن تأخذ حبها للعلم ورغبتها في خدمة بلدها إلى آفاق جديدة. في عام 2020، أصبحت جنى، إلى جانب 50 امرأة أخرى، جزءًا من الدفعة الأولى من النساء في تاريخ لبنان اللاتي التحقن بالأكاديمية العسكرية. هناك، اختارت جنى التخصص والتكليف في سلاح الجو اللبناني. إصرارها وفكرها وإمكانياتها جعلتها تحظى بمقعد في قاعدة لافلين الجوية في تكساس. شملت دفعتها، المليئة بالطيارين الطموحين من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وكينيا، أيامًا طويلة مع بدايات مبكرة في الصباح وليالي متأخرة وساعات عديدة من الدراسة داخل وخارج الفصل الدراسي. علاوة على ذلك، كانت هذه هي المرة الأولى التي تقود فيها جنى طائرة نفاثة ذات محركين، على عكس الطائرات العمودية التي اعتادت عليها في لبنان. ومع ذلك، لم تكن إنجازاتها ونجاحتها مفاجأة لزملائها ورؤسائها في لبنان.
الأردن
لبنان ليس وحده الذي يسعى لزيادة مشاركة المرأة في القوات المسلحة. الأردن أيضًا لديه تاريخ طويل من المشاركة النسائية في قواته المسلحة، بدءاً من تدريب الممرضات العسكريات في عام 1962. وبحلول عام 1973، كانت البلاد تكلف مهندسات كضابطات في الجيش. في عام 1987، كانت الأميرة عائشة بنت الحسين أول امرأة من الشرق الأوسط تتخرج من الأكاديمية العسكرية الملكية ساندهيرست [في بريطانيا]. خدمت عائشة في القوات الخاصة الأردنية، ودافعت عن دور المرأة في القوات المسلحة الأردنية، وحصلت على رتبة لواء. كجزء من استراتيجيتها الوطنية لإدماج النوع الاجتماعي في القوت المسلحة الأردنيةالصادرة في عام 2021، حدد الأردن هدفًا يتمثل في مشاركة الإناث بنسبة 3٪ في الأدوار القتالية. تهدف القوات المسلحة الأردنية لزيادة نسبة الإناث في الوحدات التشغيلية إلى 5٪. في الوقت الحاضر، هناك 642 ضابطة عسكرية عملياتية، بما في ذلك الأميرة سلمى بنت عبد الله، ابنة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين. في عام 2020، أصبحت سلمى أول امرأة تكمل تدريب الطيارين بنجاح، تلتها بعد ثلاث سنوات سبأ الذنيبات، أول امرأة تقود بمفردها طائرة F-16 في القوات المسلحة الأردنية. يعطي رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردني، اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي، الأولوية لدخول النساء المتعلمات تعليماً عالياً إلى القوات المسلحة الأردنية لأنهن أكثر تعليماً من نظرائهن من الرجال، وغالبًا لا يتم استغلالهن الاستغلال الأمثل في القطاع الخاص.
الخليج ومصر
كما تعطي دولة الإمارات العربية المتحدة الأولوية للمساواة بين الجنسين والإدماج كجزء من استراتيجيتها الدفاعية. في عام 2014، اشتهرت الطيّارة الإماراتية الرائد طيّار مريم المنصوري، التي تقود طائرة F-16، بعد قيامها بمهام استهداف جوي ضد مقاتلي داعش. بالإضافة إلى ذلك، تحتفظ الإمارات بقوات حفظ سلام نسائية بالكامل. تأسست مدرسة خولة بنت الأزور العسكرية، أول كلية عسكرية نسائية في المنطقة، عام 1990، وتستضيف المدرسة برامج لتشجيع وزيادة مشاركة الإناث في العمليات العسكرية وعمليات حفظ السلام. البرامج العسكرية لدولة الإمارات معروفة بتدريب نساء من اليمن والأردن وجامبيا والسنغال وباكستان.
كما يستمر دور المرأة في جيوش الشرق الأوسط الأخرى في النمو. في عام 2018، أصبحت الشيخة عائشة بنت راشد آل خليفةأول طيّارة مقاتلة بحرينية. في نفس العام، أصدرت قطر قانونًا وطنيًا يسمح للمرأة بالتطوع للخدمة الوطنية، على الرغم من أن العديد منهن كن يعملن بالفعل في مناصب إدارية. اليوم، تعمل العديد من القطريات في مناصب موسعة، بما في ذلك العمل كمهندسات وطيّارات لطائرات الهليكوبتر.
كما سمحت السعودية بالخدمة العسكرية للنساء في عام 2021، كجزء من مبادرة رؤية 2030 لولي العهد الأمير محمد بن سلمان لزيادة دور المرأة في المجتمع السعودي. بدأت الدولة في تخريج مجندات من دورة تدريبية مدتها 14 أسبوعًا. إلى جانب القوات المسلحة، اتبعت كل من مصر والسعودية مبادرات لإدماج النساء في مؤسسة الدفاع. أصبحت سارة صبري أول مصريةتصل إلى الفضاء في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بعد أن حلقت على صاروخ نيو شيبرد (New Shepard) الذي طورته شركة بلو أوريجين (Blue Origin). يركز عمل سارة الحالي في رسالة الدكتوراه على بدلات الفضاء الكوكبية في مختبر رحلات الفضاء البشرية، بتمويل من وكالة ناسا. ستصبح السعودية ريانة برناوي أيضًا أول رائدة فضاء سعودية عندما تقوم برحلة تستغرق عشرة أيام إلى محطة الفضاء الدولية في وقت لاحق من هذا العام.
نظرة على المستقبل
تتنبأ جنى، الطيّارة في سلاح الجو اللبناني والتي كسرت القيود والصور النمطية، بمستقبل مشرق للغاية للنساء في القوات المسلحة في جميع أنحاء المنطقة. تم القضاء على العديد من العقبات التي كانت تقف في طريق المرأة في السابق أو تم تعديلها لزيادة هذه المشاركة. في لبنان، يمكن للمرأة اختيار الخدمة في القوات البحرية أو الجيش أو القوات الجوية، أو غيرها من الوظائف الإدارية داخل القوات المسلحة. علاوة على ذلك، صرحت جنى أن عدد النساء اللواتي يسعين إلى القيام بأدوار قتالية آخذ في الازدياد، وتأمل أن يتم منح لبنان أماكن إضافية للتدريب مع الدول الشريكة لتنمية المواهب اللبنانية الرائدة بوتيرة أسرع. تريد جنى تذكير النساء اللبنانيات بأن هناك فرصًا لشغل مهن بارزة في الجيش اللبناني. "لا تدعوا الأزمة الحالية تثنيكم، لا تستخدموها كحاجز أمام التحاقكن وتقدمكن". بالنسبة للفتيات والنساء في جميع أنحاء الشرق الأوسط، تريد جنى تذكيرهن بأن خدمة بلادهن يمكن أن تصبح شغفًا جديدًا. "إذا لم تحاولن فلن تعرفن أبدا. قد يكون هذا ما تريدن القيام به لبقية حياتكن". تقوم جنى حاليًا بإكمال معسكر التدريب الأساسي، وستشارك في جهود مكافحة التمرد الجوية في لبنان في المستقبل القريب.
ترى الدكتورة ميراي ريبيز (Mireille Rebeiz)، التي نشأت في لبنان، وتعمل الآن أستاذة مشاركة للدراسات الفرانكوفونية والشرق أوسطية ودراسات المرأة والجندر والجنسانية في كلية ديكنسون (Dickinson College)، أن قصصًا مثل جنى تُظهر كيف يسمح إصرار النساء العربيات لهن بتحطيم الصور النمطية. يُفترض أن تمكث المرأة العربية في المنزل، مظلومة وبحاجة إلى منقذ. هذه الصورة الاستشراقية لا تتطابق بالضرورة مع الواقع على الأرض، ونساء مثل جنى يقودن الطريق، ويفتحن الأبواب أمام كثير من النساء ليتبعوهن.
نموذج عمل للدعم الأمريكي
تقدم قصة جنى واستكمال تدريب الطيران بنجاح نموذجًا مثاليًا للتدريب الدولي والمساعدة الأمنية في بناء قدرات الشركاء في جميع أنحاء الشرق الأوسط. يستمر دعم الولايات المتحدة للنساء في الدول الشريكة من خلال مبادرات المرأة والسلام والأمن، بالإضافة إلى دورات التعليم العسكري الاحترافي الممولة من برنامج التعليم والتدريب العسكري الدولي (IMET)، والتي خصصت أكثر من 3 ملايين دولار العام الماضي لتعليم النساء. شجعت برامج أخرى مثل مبادرة عمليات السلام العالمية (GPOI) النساء على تولي أدوار قيادية في عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، ودربت أكثر من 12 ألف امرأة من قوات حفظ السلام.
في حين أن دمج النساء في الجيوش العربية لا يزال بعيدًا عن الكمال، فإن الرائدات، مثل جنى، يمثلن ما هو ممكن. وبينما تعمل وزارة الدفاع الأمريكية على تفعيل خطة تنفيذ الإطار الاستراتيجي لمبادرات المرأة والسلام والأمن، فإن تعظيم إنجازات النساء، مثل جنى، وتوفير فرص إضافية، وتمويل لدعم الدور المتنامي للنساء العسكريات في الشرق الأوسط سيعزز في نهاية المطاف الشراكات ودعم الأمن في المنطقة.
ياسمين السعيد هي ضابطة في قطاع حرب السطح البحرية وباحثة في برنامج الدفاع والأمن في معهد الشرق الأوسط، وهي باحثة في مجال الأمن والدفاع في برنامج شباب المهنيين في السياسة الخارجية (YPFP) لعام 2023. عملت ميليسا هورفاث (Melissa Horvath) في الخدمة العسكرية لأكثر من 20 عامًا، وهي متخصصة في التخطيط الدفاعي واللوجستيات والتدريب والتعاون الأمني، وهي باحثة غير مقيمة في برنامج الدفاع والأمن في معهد الشرق الأوسط. كاتي كرومبي (Katie Crombe)هي محللة استراتيجية عسكرية، ولا تزال تؤدي الخدمة العسكرية، تدرس حاليًا في برنامج سياسة الأمن القومي التابع لكلية الحرب بالجيش الأمريكي، وهي باحثة غير مقيمة في برنامج الدفاع والأمن في معهد الشرق الأوسط.
صورة من قاعدة لافلين الجوية معهد الشرق الأوسط مؤسّسة مستقلّة وحياديّة وتعليمية لا تبغي الربح. لا يشارك المعهد في أنشطة المناصرة، وآراء الباحثين لا تعبّر عن آراء المعهد. يرحّب معهد الشرق الأوسط بالتبرّعات المالية، لكنّه يحتفظ بالحقوق التحريرية الحصرية في أعماله، كما أنّ المنشورات الصادرة عنه لا تعبّر سوى عن آراء كتّابها. يرجى زيارة هذا الرابط للاطّلاع على لائحة بالجهات المانحة لمعهد الشرق الأوسط.