MEI

إسرائيل تُبدي انفتاحًا تجاه الهدنة والإفراج عن الرهائن – لكنّها لن تتراجع عن عملية رفح

فبراير 26, 2024

نمرود غورين


مشاركة

برزت مؤشرات تدلّ على إحراز بعض التقدُّم في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة "حماس" للتوصّل إلى هدنة في القتال الدائر في قطاع غزّة والإفراج عن بعض الرهائن الإسرائيليّين. ويبدو أنّ وساطة الولايات المتّحدة ومصر وقطر تؤتي بثمارها نتيجة تقاطُع فريد –ومؤقت– في المصالح بين الطرفَيْن المتنازعَيْن مع اقتراب شهر رمضان. إلا أنّ الاتفاق لم يُبرَم بعد. وبالرغم من التوافق على مبادئه الأساسية، هناك جوانب عدّة ينبغي معالجتها. وستتأثّر المفاوضات حول هذه الجوانب إلى حدٍّ بعيد بالسياسة الداخلية، إذ يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بذل المساعي لضمان بقائه السياسي. وفي الأيام والأسابيع المقبلة، من المرجح أن تتشدّد كلٌّ من إسرائيل و"حماس" في مواقفهما وأن يفرضا عراقيل جديدة إلى حين التوصّل إلى اتفاق – لا بل قد يستمرّان على هذا المنوال حتى خلال فترة تنفيذ الاتفاق.

مع ذلك، يبدو أنّ إبرام اتفاق قبل بداية شهر رمضان يصبّ في مصلحة إسرائيل لأربعة أسباب على الأقل. أولًا، من المتوقع أن يُفضي الاتفاق إلى الإفراج عن 40 من الرهائن الإسرائيليّين – وبينهم نساء وكبار في السن. وعلى الرغم من أنّ هذا الاتفاق لا يحقّق هدف إسرائيل في الإفراج عن جميع الرهائن، إلا أنّه يساهم في إنقاذ المزيد من الأرواح، خصوصًا أنّ الشهادات التي أدلى بها الرهائن المُحرَّرون خلال الهدنة السابقة أثّرت في الإسرائيليّين وزادت من رغبتهم في إعادة جميع الرهائن على وجه السرعة.

ثانيًا، لن يُجبِر الاتفاقُ الذي يجري التفاوض عليه حاليًا إسرائيلَ على التخلّي عن أهدافها الاستراتيجية الأساسية. فهو يشمل هدنة لمدّة ستّة أسابيع تقريبًا، كما يتطلّب تعديل خارطة انتشار بعض القوات الإسرائيلية ضمن قطاع غزّة؛ لكنّه لا يفرض التزامًا بوقف طويل الأمد لإطلاق النار (كما طالبت "حماس" في البداية). هذه الهدنة ستتيح للجيش الإسرائيلي (ولـ"حماس" أيضًا) إعادة رصّ الصفوف والاستعداد للمرحة التالية من الحرب. كذلك، فهي ستمكّن جنود الاحتياط الإسرائيليّين من تمضية المزيد من الوقت مع عائلاتهم، بعد أن جرى تسريحهم منذ بضعة أسابيع بعد أشهر طويلة من الخدمة.

ثالثًا، قد يساهم توقيت الاتفاق في جهود إسرائيل الرامية إلى منع امتداد النزاع إلى القدس والضفة الغربية خلال شهر رمضان. فيُخشى فعليًّا من اتّساع رقعة التصعيد منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وهو أمر سيحمل تداعيات على العلاقات الحسّاسة وذات الأهمية الاستراتيجية بين إسرائيل والأردن. لذا، فإنّ وقف القتال في غزّة، وربما على طول الحدود بين لبنان وإسرائيل أيضًا، من شأنه التقليل من احتمالات التصعيد في أماكن أخرى خلال هذه الفترة الحسّاسة. وقد تسعى إسرائيل إلى إطالة أمد الهدنة إلى ما بعد شهر رمضان، حتى عيد الفصح اليهودي في أواخر شهر نيسان/أبريل.

رابعًا، في حال سمح الجانب الإنساني للاتفاق بعودة عددٍ كبير من سكان غزّة من جنوب القطاع إلى المناطق الشمالية، سيخفّف ذلك من عدد الفلسطينيّين النازحين داخليًّا في منطقة رفح، ما قد يسهّل العملية التي تنوي إسرائيل شنّها هناك. وقد يُظهِر ذلك أيضًا امتثال إسرائيل لبعضٍ من المطالب الدولية التي تحثّها على اتخاذ خطوات لتحسين الظروف الإنسانية.

ولكنْ، لابدّ من الإشارة إلى أنّ العملية الإسرائيلية في رفح تبقى مطروحة حتى في حال التوصّل إلى اتفاق. فستمنح الهدنة بعض الوقت لإسرائيل لمعالجة الخطوط الحمراء التي وضعتها الولايات المتّحدة ومصر. لكنّ الجانب الإسرائيلي يعتبر أنّ العملية في رفح –التي قد تشكّل آخر مرحلة من القتال الشديد الكثافة– ضرورية لتحقيق الأهداف الأساسية من الحرب، وهي: تفكيك وحدات "حماس"، والقضاء على قادة الحركة، وتحرير جميع الرهائن، وإجراء ترتيبات أمنية جديدة ضمن قطاع غزة.

لا تبدو القيادة الإسرائيلية مستعدّة للتخلّي عن هذه الأهداف. وعليه، من المرجّح أنّ إبرام الاتفاق سيبقى مكسبًا قصير الأمد، حتى ولو أنه يشكّل إنجازًا للدبلوماسية الدولية. فلا يمكن إحراز تقدُّم دبلوماسي كبير والانتقال من القتال إلى بناء السلام إلا بعد أن يتسلّم ائتلافٌ أكثر اعتدالًا السلطة في القدس.

 

تابعوا حساب نمرود غورين على منصّة "X": @GorenNimrod

 

Read in English

معهد الشرق الأوسط مؤسّسة مستقلّة وحياديّة وتعليمية لا تبغي الربح. لا يشارك المعهد في أنشطة المناصرة، وآراء الباحثين لا تعبّر عن آراء المعهد. يرحّب معهد الشرق الأوسط بالتبرّعات المالية، لكنّه يحتفظ بالحقوق التحريرية الحصرية في أعماله، كما أنّ المنشورات الصادرة عنه لا تعبّر سوى عن آراء كتّابها. يرجى زيارة هذا الرابط للاطّلاع على لائحة بالجهات المانحة لمعهد الشرق الأوسط.

متعلق بالمنطقة

البريد الالكتروني
احصل على أحدث الإحاطات السياسية من معهد الشرق الأوسط وتنبيهات الفعاليات وكل ما هو جديد. ليصلك كل ذلك مباشرة من خلال البريد الإلكتروني الخاص بك