MEI

في ظلّ تفاقُم أزمة اللاجئين في السودان، تعمل مجموعات المساعدة المتبادَلة على إنقاذ الأرواح

يونيو 17, 2024

جيهان هنري


مشاركة

·       نزحَ أكثر من 10 ملايين سوداني داخل البلد، كما فرَّ مليونان آخران إلى بلدان مجاورة أو مناطق أبعد في أزمة نزوحٍ داخليٍّ وُصِفَت بالأكبر في العالم، وأشدّ أزمة إنسانية، وإحدى أسوأ أزمات اللاجئين حاليًا على مستوى العالم.

·       يكمُن بصيص الأمل الوحيد في مجموعات المساعدة المتبادَلة المحلّية وفِرَق المتطوّعين الذين يُقدِّمون الدعم لإنقاذ الأرواح في مختلف مناطق السودان، ويُديرون العيادات المحلّية والمطابخ والملاجئ، رغم محاولات الأطراف المتحاربة لتقييد المساعدات أو تحويل مسارها أو مصادرتها.

بعد مرور 14 شهرًا على بداية الحرب بين القوَّات المسلَّحة السودانية وقوّات الدعم السريع شبه العسكرية، يشهد السودان أزمة نزوحٍ داخليٍّ وُصِفَت بالأكبر في العالم، وأشدّ أزمة إنسانية، وإحدى أسوأ أزمات اللاجئين حاليًا على مستوى العالم. فقد نزحَ أكثر من 10 ملايين شخصٍ داخل البلد، كما فرَّ مليونان آخران إلى بلدانٍ مجاورةٍ أو مناطق أبعد. وبحسب خارطة بيانات أعدَّتها الأمم المتّحدة في نيسان/أبريل الماضي، يمتدُّ هذا النزوح السوداني من تشاد إلى المملكة العربية السعودية، ومن أوغندا إلى مالطا.

لن تتوقّف هذه الأرقام عن الارتفاع طالما أنَّ الحرب مستمرّةٌ. وفيما يُواصِل الجانبان وحلفاؤهما القتال في البؤر الساخنة -مثل دارفور والخرطوم والجزيرة من أجل السيطرة على الأراضي- يضطرّ المزيد من السكّان إلى مغادرة منازلهم. وحتّى في المناطق التي تُعَدّ أكثر أمانًا –سواء كانت خاضعة لقوّات الدعم السريع أو للقوّات المسلّحة السودانية– تدهورت الظروف المعيشية بشكلٍ ملحوظ. فالناس باتوا مُجبَرين على الرحيل جرّاء نقص الخدمات الأساسية، ورداءة الاتّصالات، وتوقُّف عمل المَزارِع والأسواق، وتزايد معدّل التضخّم، والمجاعة في بعض الأماكن.

لم تعُد الحرب مجرّد صراعٍ بسيطٍ على السلطة بين قائدَيْن عسكريَّيْن -أي قائد القوّات المسلّحة السودانية عبد الفتّاح البرهان وقائد قوّات الدعم السريع محمّد حمدان دقلو (المُلقَّب بـ "حميدتي")- بل اتّخذت بُعدًا أخطر بكثير. فالقتال ينسحب بشكل متزايد على الانقسامات الأخرى في المجتمع السوداني، ويجتذب جهاتٍ فاعلةً أخرى. فقد دخلت إلى المعركة الجماعات المتمرّدة في دارفور التي كانت مُحايِدةً في السابق، الأمر الذي يُثير شبح وقوع المزيد من أعمال العنف على أساسٍ عرقيٍّ. واستقطبت المجموعات الميليشياوية الجديدة، بما فيها الجماعات الإسلامية، الشباب والمرتزقة والعقائديين.

في هذا السياق الذي يتّسم بالاستقطاب الشديد، تنظر السلطات المحلّية بعين الريبة إلى أيِّ نشاطٍ سياسيٍّ في المناطق التي تُسيطر عليها -بما في ذلك تظاهرات "لا للحرب"– وحتّى الجهات الفاعلة الإنسانية؛ حتى إنّ كلًّا من القوّات المسلّحة السودانية وقوّات الدعم السريع اعتقلتا متطوّعين بتُهم التجسُّس لصالح الطرف الآخر. وأدّت الحرب أيضًا إلى تقسيم المجتمع المدني؛ فالجهات التي تحالفت سابقًا ضدّ نظام الرئيس عمر البشير أصبحت الآن متخاصمة، حيث يدعم البعض القوّات المسلّحة السودانية على الرغم من علاقاتها بالإسلاميّين، في حين يدعم آخرون الجبهة المدنية الجديدة المعروفة بجبهة "تقدُّم" (تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية) على الرغم من امتناع الأخيرة عن إدانة الانتهاكات المروّعة التي ارتكبتها قوّات الدعم السريع بحقّ المدنيين، بما في ذلك الإبادة الجَمَاعية في دارفور.

إذا كانَ هناك من بصيص أمل، فهو يكمُن في روح التطوّع السودانية؛ فبينما تقوم الأطراف المتحاربة بـتقييد المساعدات أو تحويل مسارها أو مصادرتها في مختلف أنحاء البلد، تُواظِب مجموعات المساعدة المتبادلة المحلّية وفِرَق المتطوّعين المتفانية على تقديم الدعم لإنقاذ الأرواح، كما تُدير العيادات والمطابخ والملاجئ المحلّية. بالنسبة إلى الكثيرين، يُشكِّل هؤلاء المتطوّعون دليلًا على أنَّ روح التضامن المجتمعي لن تسقط مهما عاثت الأطراف المتحاربة خرابًا في البلد. وكما كتبَ أحد المتطوّعين بعد مرور سنة على بدء الحرب: "الشعب السوداني قادر على الصمود [...] وهو عازم على تعزيز السلام والمصالحة في ظلّ حرب لا تلوحُ لها أيُّ نهايةٍ في الأفق المنظور".

Read in English

معهد الشرق الأوسط مؤسّسة مستقلّة وحياديّة وتعليمية لا تبغي الربح. لا يشارك المعهد في أنشطة المناصرة، وآراء الباحثين لا تعبّر عن آراء المعهد. يرحّب معهد الشرق الأوسط بالتبرّعات المالية، لكنّه يحتفظ بالحقوق التحريرية الحصرية في أعماله، كما أنّ المنشورات الصادرة عنه لا تعبّر سوى عن آراء كتّابها. يرجى زيارة هذا الرابط للاطّلاع على لائحة بالجهات المانحة لمعهد الشرق الأوسط.
البريد الالكتروني
احصل على أحدث الإحاطات السياسية من معهد الشرق الأوسط وتنبيهات الفعاليات وكل ما هو جديد. ليصلك كل ذلك مباشرة من خلال البريد الإلكتروني الخاص بك